تقول الشعوب في أمثالها إن «الزواج قلعة محاصرة، من يكون بداخلها يوّد الخروج منها، ومن كان بالخارج يريد بكل الوسائل الدخول إليها».
إنه الحال الذي يلخّص «زواج» الأندية الرياضية ببعض الشركات الاقتصادية العمومية، وهو «الزواج» الذي جاء بقرارات فوقية وبشكل انتقائي بعد أكثر من عام على بداية «الاحتراف» على الطريقة الجزائرية، وقيل الكثير عن تلك القرارات من قبيل أنها محاولات «لشراء السلم الاجتماعي» في سياق ما سمي بـ»الربيع العربي».
كان الكل يحسد تلك الأندية المحظوظة، وانتظر منها ثورة رياضية، حيث المال متوفر وبسخاء شديد، ولا يبقى بعدها إلا الأداء الفني، لكن ما حدث هو العكس تماما، إذ ارتفعت أجور بعض اللاعبين إلى أرقام فلكية وأصبح بعضهم ممن لا يحسن تصويب الكرة يتقاضى أضعاف ما يتقاضاه بروفيسور أفنى عمره في البحث.
وظهرت فئة من الأثرياء الجدّد هم سماسرة اللاعبين وبعض المسيرين الرياضيين الذين يعملون على «نفخ» الأجور مقابل الحصول على نسبة معتبرة من الريع على حساب الرياضة التي تدهور حالها كثيرا وأصبحت معظم المنتخبات الوطنية تعتمد على المواهب التي نشأت وتكونت شمال البحر الأبيض المتوسط.
وفي الجهة المقابلة، لا تجد بعض الأندية التي تصنّف ضمن «المحترفة» أبسط ظروف العمل وبعض لاعبيها يدينون بأجور تتجاوز السنة الكاملة، ولم يعد أمام اللاعبين إلا الاستمرار في اللعب بدون أجور أو الانسحاب نهائيا من اللعبة وبعضهم يتمتع بمواهب كبيرة لكنه يعجز حتى على توفير أجرة السيارة التي تنقله إلى الملعب الذي يتدرب فيه.
ولأن المقدمات الخاطئة تؤدي بالضرورة إلى نتائج خاطئة، فإن النتيجة تلخصها الصور المؤسفة للاعتداء على مقر سوناطراك بالعاصمة، وهو سلوك مرفوض بالطبع لكنه يلخصّ الأزمة الكبيرة التي تعانيها الكرة الجزائرية التي يحتاج فيها نظام الاحتراف إلى مراجعة عميقة، بعيدا عن الارتجال والحسابات الضيقة التي أدّت إلى هذه الكارثة.